اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 263
من القضاء
قالُوا اى بنو إسرائيل تشكيا قد أُوذِينا من أجلك يا موسى مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا بالرسالة بقتل الأبناء واستحياء النساء وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا ايضا كذلك قالَ موسى لا تيأسوا من نصر الله وانجاز وعده بل عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ اى قد قرب حكم ربكم وانجاز وعده باهلاك عدوكم وَبعد إهلاكهم يَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ التي هم فيها فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ أنتم هل تشكرون نعمه أم تكفرونها وتعملون من الصالحات أم تفسدون فيها أمثالهم
ثم أشار سبحانه الى إهلاك عدوهم وانجاز وعده إياهم على سبيل التدريج حيث قال وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ اى بعد ما تعلق ارادتنا بأخذهم وإهلاكهم أخذناهم أولا بالقحط وقلة الأقوات والغلات وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ التي هم يتفكهون بها لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ اى يتذكرون ايام الرخاء ويتضرعون نحونا لإعادتها ويصدقون رسولنا الذي أرسلنا إليهم ليدعوهم الى توحيدنا وهم من شدة عمههم وقسوتهم لا يتعظون بأمثال هذا
بل فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ الخصب والرخاء وكل ما يسرهم ويفرح نفوسهم قالُوا متفألين لَنا هذِهِ اى لأجلنا ومن سعادة طالعنا ونحن مستحقون بأمثالها وَإِنْ تُصِبْهُمْ أحيانا سَيِّئَةٌ مشقة وعناء مما يشوشهم ويملهم يَطَّيَّرُوا اى يتطيروا ويتشأموا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ وآمن له وقالوا انما عرض علينا هذا البلاء بشؤم هؤلاء الأرذال الساقطين عن درجة الاعتبار أَلا اى تنبهوا ايها المتنبهون المتوجهون نحو الحق في السراء والضراء إِنَّما طائِرُهُمْ ما يتطيرون به ويتشأمون بسببه ليس الا عِنْدَ اللَّهِ وفي قبضة قدرته ومشيته إذ له التصرف بالاستقلال في ملكه وملكوته والقبض والبسط من عنده وبيده يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ فيرون الأسباب والوسائل العادية في البين ويسندون الحوادث الكائنة إليها عنادا ومكابرة
وَمن شدة شكيمتهم وغلظ غيظهم ووفور قسوتهم وبغضهم قالُوا منهمكين مستهزئين مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ اى اى شيء تحضرنا أنت يا موسى لتغلب به علينا من سحرك الذي سميته آية نازلة من ربك عليك لِتَسْحَرَنا بِها أنت فأت به سريعا ان استطعت فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ اى متى تأخرت واستبطأت وتسوفت وبعد ما بالغوا في العتو والعصيان وأصروا على ما هم عليه من الطغيان والكفران
فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ امدادا لموسى وانتقاما لهم الطُّوفانَ اى الماء الذي طاف حولهم ودخل بيوتهم ووصل الى تراقيهم ولم يدخل بيوت بنى إسرائيل مع انها متصلة ببيوتهم ولم يتضرروا من الماء أصلا ثم لما تضرروا واضطروا وكادوا ان يغرقوا تضرعوا الى موسى وقالوا ادع لنا ربك يا موسى ليكشف عنا فنأمن بك فدعا فكشف عنهم ونبت من الزرع والكلأ ما لم يعهد فنكثوا عهدهم ونسبوا دعاءه الى السحر وَبعد ذلك قد أرسلنا عليهم الْجَرادَ فأكلت زروعهم واثمارهم وأخذت تأكل السقوف والأبواب والثياب فتضرعوا الى موسى فدعا وانكشف حيث خرج الى الصحراء مشيرا بعصاه نحو الجراد يمنة ويسرة فتفرقت الى النواحي والأقطار فنكثوا وَأرسلنا بعدها الْقُمَّلَ هي دود أصغر من الجراد قيل انها حدثت من الجراد فأخذت ايضا تأكل ما بقي من الجراد وتقع في الأطعمة وتدخل بين أثوابهم فتمص دماءهم ففزعوا اليه فكشف عنهم بدعائه فقالوا له قد علمنا الآن انك ساحر عليم وَبعد ذلك قد أرسلنا عليهم الضَّفادِعَ بحيث لا يخلو مكان من الأمكنة منها وتثب في قدورهم وأوانيهم وأفواههم حين تكلموا ففزعوا نحوه معاهدين فخلصوا بدعائه ثم نقضوا وَبعد ذلك قد أرسلنا الدَّمَ
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 263